الصفحة الرئيسية  قضايا و حوادث

قضايا و حوادث مطاردة بوليسية في قلب العاصمة في وضح النهار.. والسبب نصبة بـ30 دينار!

نشر في  24 جويلية 2018  (14:02)

يوم الاثنين 23 جويلية..

الساعة الثالثة بعد الزوال..

المكان: شارع قرطاج بالعاصمة قبالة المركب التجاري البالماريوم..

تفاجأ عدد من المارين -وكنت منهم- بشارع قرطاج بالعاصمة حذو المركب التجاري البالماريوم بسيارة شرطة بلدية تتوقف بعد ان كانت تجري بسرعة مجنونة على سكة الميترو الخفيف.. وفي حركة أشبه بالملاحقات السينمائية التي قد نتابعها في فيلم بوليسي أو في نشرة اخبارية في المكسيك، نزل سائق سيارة الشرطة البلدية يجري بكل ما لديه من طاقة ملاحقا شابا كان يحمل بين يديه "كرذونة" عليها ما قيمته 30 دينارا على اقصى تقدير من الخرز والخيوط المعروضة للبيع لصنع الاساور اليدوية..

رأس مال بسيط كان هذا الشاب يحاول المحافظة عليه خوفا من افتكاكه من قبل البوليس البلدي قبل أن يختفي في أحد الأزقة التي تفصل بين شارعي قرطاج وابن خلدون.

كان قيض الظهيرة على اشده، وأمام هذا المشهد السوريالي، توقف المارة متعجبين ومتسائلين: "هل الشاب بائع مخدرات؟ هل هو مجرم؟"، فجاءت الاجابة من بعض رفاقه -الذين اعتادوا افتراش رصيف شارع قرطاج: "ليس الا بائع أساور بسيط.. يسترزق من نصبته وبعرق جبينه الشي القليل"، وقال آخر: "آش تحبونا نعملو؟ بجاه الاله، آش تحبونا نعملو؟"

عاد سائق سيارة الشرطة البلدية يستحث خطاه قبل أن يحل الميترو، وقد أوصد السكة بوقوفه "البطولي" العشوائي، تاركا العشرات من البائعين الشبان في حالة هلع يجوبون الأنهج المحاذية ورأس مالهم بين أيديهم بحثا عن مكان آمن يواصلون فيه عملهم.

ولسائل أن يتساءل ماذا وفرت الدولة للشباب العاطل عن العمل من بدائل لتلاحقه فيما بعد مانعة عليه الحق في  تحصيل رزقه اليومي. والأغرب من ذلك أن هذه الملاحقات تستهدف أضعف حلقة في تركيبة المجتمع، بسطاء الشباب الذين اختاروا كسب قوتهم حلالا لا سرقة ولا نطرة في ظل غياب سياسات حكومية ناجعة لمعالجة معضلة البطالة.

اليوم الثلاثاء 24 جويلية.. سأتوجه بعد قليل الى شارع قرطاج آملة ان لا يتجدد مشهد الملاحقة السوريالي: آلة الدولة  الخانقة في مواجهة أبناء بسطاء البلد.

شيراز بن مراد